۩۞۩نقــــــــــــاء القــــــــلوب ۩۞۩ قـــــــــــلوب تسعى الى الجنـــــــــــه
اهلا بكم اعضائنا وزوارنا ..... المنتدى نور بتواجدكم معنا ... مع أرق تحياتى للجميع .... ندى القلوب
۩۞۩نقــــــــــــاء القــــــــلوب ۩۞۩ قـــــــــــلوب تسعى الى الجنـــــــــــه
اهلا بكم اعضائنا وزوارنا ..... المنتدى نور بتواجدكم معنا ... مع أرق تحياتى للجميع .... ندى القلوب
۩۞۩نقــــــــــــاء القــــــــلوب ۩۞۩ قـــــــــــلوب تسعى الى الجنـــــــــــه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۩۞۩نقــــــــــــاء القــــــــلوب ۩۞۩ قـــــــــــلوب تسعى الى الجنـــــــــــه

 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
الإخوة والأخوات بارك الله فيكم لا تبخلواعلى منتداكم مشاركاتكم المميزة والنافعة ولا تحرموا أنفسكم الاجر من الله بمشاركة نافعة وهادفه تكون لكم ذخرا يوم القيامة فتأتوا يوم القيامة وقد كتبت لكم حسنات كثيرة لا تعلمون من أين جاءتكم فلعل مشاركة يهدي بها الله من كان عاصيا فتكسبوا الأجر العظيم من الله الرحيم
المواضيع الأخيرة
»  اجمل شيء فى هذه الدنيا
تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالسبت 12 يناير - 10:35 من طرف دموع الورد

»  حقيقة الأشياء موجعة
تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالخميس 3 مايو - 16:53 من طرف دموع الورد

» عواصف الحياة ..أمواجها ..قطارها.
تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالخميس 3 مايو - 16:50 من طرف دموع الورد

»  شجـــــــــرة غـــــــــريبـــــــــة
تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالأحد 16 أكتوبر - 12:50 من طرف دموع الورد

» علي صوت المطر أشرب فنجان قهوتي
تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالأربعاء 28 سبتمبر - 8:34 من طرف دموع الورد

» اقرأ القرآن على شاشتك و كأنك تلمسه بيدك
تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالإثنين 26 سبتمبر - 9:23 من طرف دموع الورد

» انشرها لوجه الله تعالى دون تردد فقد تنفعك بعد مماتك
تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالسبت 24 سبتمبر - 14:18 من طرف دموع الورد

» لكل غائب وغائبة
تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالأربعاء 14 سبتمبر - 4:26 من طرف دموع الورد

» مدح الله عز وجل للمصطفى صلى الله عليه وسلم
تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالأربعاء 14 سبتمبر - 4:07 من طرف دموع الورد

مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
Share
المصحفالالكتروى

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني

 

 تفسير سورة يوسف

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
alnsr




عدد المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 23/07/2010

تفسير سورة يوسف Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة يوسف   تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالجمعة 23 يوليو - 13:19

12 – سورة يوسف






الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)

(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.

هذه آيات الكتاب البيِّن الواضح في معانيه وحلاله وحرامه وهداه.



إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)

إنا أنزلنا هذا القرآن بلغة العرب, لعلكم -أيها العرب- تعقلون معانيه وتفهمونها, وتعملون بهديه.



نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الْغَافِلِينَ (3)

نحن نقصُّ عليك -أيها الرسول- أحسن القصص بوحينا إليك هذا القرآن, وإن كنت قبل إنزاله عليك لمن الغافلين عن هذه الأخبار, لا تدري عنها شيئًا.



إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)

اذكر -أيها الرسول- لقومك قول يوسف لأبيه: إني رأيت في المنام أحد عشر كوكبًا, والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين. فكانت هذه الرؤيا بشرى لِمَا وصل إليه يوسف عليه السلام من علوِّ المنزلة في الدنيا والآخرة.



قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5)

إذ قال إخوة يوسف من أبيه فيما بينهم: إن يوسف وأخاه الشقيق أحب إلى أبينا منا, يفضِّلهما علينا, ونحن جماعة ذوو عدد, إن أبانا لفي خطأ بيِّن حيث فضَّلهما علينا من غير موجب نراه.



وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)

وكما أراك ربك هذه الرؤيا فكذلك يصطفيك ويعلمك تفسير ما يراه الناس في منامهم من الرؤى مما تؤول إليه واقعًا, ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب بالنبوة والرسالة, كما أتمها من قبل على أبويك إبراهيم وإسحاق بالنبوة والرسالة. إن ربك عليم بمن يصطفيه من عباده, حكيم في تدبير أمور خلقه.



لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)

لقد كان في قصة يوسف وإخوته عبر وأدلة تدل على قدرة الله وحكمته لمن يسأل عن أخبارهم, ويرغب في معرفتها.



إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (Cool

إذ قال إخوة يوسف من أبيه فيما بينهم: إن يوسف وأخاه الشقيق أحب إلى أبينا منا, يفضِّلهما علينا, ونحن جماعة ذوو عدد, إن أبانا لفي خطأ بيِّن حيث فضَّلهما علينا من غير موجب نراه.



اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوْ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ (9)

اقتلوا يوسف أو ألقوا به في أرض مجهولة بعيدة عن العُمران يخلُص لكم حب أبيكم وإقباله عليكم, ولا يلتفت عنكم إلى غيركم, وتكونوا مِنْ بعد قَتْل يوسف أو إبعاده تائبين إلى الله, مستغفرين له من بعد ذنبكم.



قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ (10)

قال قائل من إخوة يوسف: لا تقتلوا يوسف وألقوه في جوف البئر يلتقطه بعض المارَّة من المسافرين فتستريحوا منه, ولا حاجة إلى قتله, إن كنتم عازمين على فعل ما تقولون.



قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11)

قال إخوة يوسف -بعد اتفاقهم على إبعاده-: يا أبانا ما لك لا تجعلنا أمناء على يوسف مع أنه أخونا, ونحن نريد له الخير ونشفق عليه ونرعاه, ونخصه بخالص النصح؟



أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12)

أرسله معنا غدًا عندما نخرج إلى مراعينا يَسْعَ وينشط ويفرح, ويلعب بالاستباق ونحوه من اللعب المباح, وإنا لحافظون له من كل ما تخاف عليه.



قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13)

قال يعقوب: إني لَيؤلم نفسي مفارقته لي إذا ذهبتم به إلى المراعي, وأخشى أن يأكله الذئب, وأنتم عنه غافلون منشغلون.



قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخَاسِرُونَ (14)

قال إخوة يوسف لوالدهم: لئن أكله الذئب, ونحن جماعة قوية إنا إذًا لخاسرون, لا خير فينا, ولا نفع يُرْجَى منا.



فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (15)

فأرْسَلَهُ معهم. فلما ذهبوا به وأجمعوا على إلقائه في جوف البئر, وأوحينا إلى يوسف لتخبرنَّ إخوتك مستقبلا بفعلهم هذا الذي فعلوه بك, وهم لا يُحِسُّون بذلك الأمر ولا يشعرون به.



وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16)

وجاء إخوة يوسف إلى أبيهم في وقت العِشاء من أول الليل, يبكون ويظهرون الأسف والجزع.



قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17)

قالوا: يا أبانا إنا ذهبنا نتسابق في الجَرْي والرمي بالسهام, وتركنا يوسف عند زادنا وثيابنا, فلم نقصِّر في حفظه, بل تركناه في مأمننا, وما فارقناه إلا وقتًا يسيرًا, فأكله الذئب, وما أنت بمصدِّق لنا ولو كنا موصوفين بالصدق; لشدة حبك ليوسف.



وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)

وجاؤوا بقميصه ملطخًا بدم غير دم يوسف; ليشهد على صدقهم, فكان دليلا على كذبهم; لأن القميص لم يُمَزَّقْ. فقال لهم أبوهم يعقوب عليه السلام: ما الأمر كما تقولون, بل زيَّنت لكم أنفسكم الأمَّارة بالسوء أمرًا قبيحًا في يوسف, فرأيتموه حسنًا وفعلتموه, فصبري صبر جميل لا شكوى معه لأحد من الخلق, وأستعين بالله على احتمال ما تصفون من الكذب, لا على حولي وقوتي.



وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)

وجاءت جماعة من المسافرين, فأرسلوا مَن يطلب لهم الماء, فلما أرسل دلوه في البئر تعلَّق بها يوسف, فقال واردهم: يا بشراي هذا غلام نفيس, وأخفى الواردُ وأصحابه يوسفَ من بقية المسافرين فلم يظهروه لهم, وقالوا: إن هذه بضاعة استبضعناها, والله عليم بما يعملونه بيوسف.



وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنْ الزَّاهِدِينَ (20)

وباعه إخوته للواردين من المسافرين بثمن قليل من الدراهم, وكانوا زاهدين فيه راغبين في التخلص منه; وذلك أنهم لا يعلمون منزلته عند الله.



وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21)

ولما ذهب المسافرون بيوسف إلى "مصر" اشتراه منهم عزيزها, وهو الوزير, وقال لامرأته: أحسني معاملته, واجعلي مقامه عندنا كريمًا, لعلنا نستفيد من خدمته, أو نقيمه عندنا مقام الولد, وكما أنجينا يوسف وجعلنا عزيز "مصر" يَعْطِف عليه, فكذلك مكنَّا له في أرض "مصر", وجعلناه على خزائنها, ولنعلِّمه تفسير الرؤى فيعرف منها ما سيقع مستقبلا. والله غالب على أمره, فحكمه نافذ لا يبطله مبطل, ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الأمر كله بيد الله.



وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)

ولما بلغ يوسف منتهى قوته في شبابه أعطيناه فهمًا وعلمًا, ومثل هذا الجزاء الذي جزينا به يوسف على إحسانه نجزي المحسنين على إحسانهم. وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.



وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)

ودعت امرأة العزيز -برفق ولين- يوسف الذي هو في بيتها إلى نفسها; لحبها الشديد له وحسن بهائه, وغلَّقت الأبواب عليها وعلى يوسف, وقالت: هلمَّ إليَّ, فقال: معاذ الله أعتصم به, وأستجير مِن الذي تدعينني إليه, من خيانة سيدي الذي أحسن منزلتي وأكرمني فلا أخونه في أهله, إنه لا يفلح مَن ظَلَم فَفَعل ما ليس له فعله.



وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)

ولقد مالت نفسها لفعل الفاحشة, وحدَّثت يوسفَ نفسُه حديث خطرات للاستجابة, لولا أن رأى آية من آيات ربه تزجره عمَّا حدثته به نفسه, وإنما أريناه ذلك; لندفع عنه السوء والفاحشة في جميع أموره, إنه من عبادنا المطهرين المصطفَين للرسالة الذين أخلصوا في عبادتهم لله وتوحيده.



وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25)

وأسرع يوسف إلى الباب يريد الخروج, وأسرعت تحاول الإمساك به, وجذبت قميصه من خلفه; لتحول بينه وبين الخروج فشقَّته, ووجدا زوجها عند الباب فقالت: ما جزاء مَن أراد بامرأتك فاحشة إلا أن يسجن أو يعذب العذاب الموجع.



قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (26)

قال يوسف: هي التي طلبت مني ذلك, فشهد صبي في المهد مِن أهلها فقال: إن كان قميصه شُقَّ من الأمام فصدقت في اتِّهامها له, وهو من الكاذبين.



وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ (27)

وإن كان قميصه شُقَّ من الخلف فكذبت في قولها, وهو من الصادقين.



فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28)

فلما رأى الزوج قميص يوسف شُقَّ من خلفه علم براءة يوسف, وقال لزوجته: إن هذا الكذب الذي اتهمتِ به هذا الشاب هو مِن جملة مكركن -أيتها النساء-, إنَّ مكركن عظيم.



يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنْ الْخَاطِئِينَ (29)

قال عزيز "مصر": يا يوسف اترك ذِكْر ما كان منها فلا تذكره لأحد, واطلبي -أيتها المرأة- المغفرة لذنبك؛ إنك كنتِ من الآثمين في مراودة يوسف عن نفسه, وفي افترائك عليه.



وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (30)

ووصل الخبر إلى نسوة في المدينة فتحدثن به, وقلن منكرات على امرأة العزيز: امرأة العزيز تحاول غلامها عن نفسه, وتدعوه إلى نفسها, وقد بلغ حبها له شَغَاف قلبها (وهو غلافه), إنا لَنراها في هذا الفعل لفي ضلال واضح.



فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتْ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)

فلما سمعت امرأة العزيز بغِيْبتهن إياها واحتيالهن في ذمِّها, أرسلت إليهن تدعوهن لزيارتها, وهيَّأت لهن ما يتكئن عليه من الوسائد, وما يأكلنه من الطعام, وأعطت كل واحدة منهن سكينًا ليُقَطِّعن الطعام, ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن, فلما رأينه أعظمنه وأجللنه, وأخَذَهن حسنه وجماله, فجرحن أيديهن وهن يُقَطِّعن الطعام من فرط الدهشة والذهول, وقلن متعجبات: معاذ الله, ما هذا من جنس البشر; لأن جماله غير معهود في البشر, ما هو إلا مَلَك كريم من الملائكة.



قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)

قالت امرأة العزيز للنسوة اللاتي قطَّعن أيديهن: فهذا الذي أصابكن في رؤيتكن إياه ما أصابكن هو الفتى الذي لُمتُنَّني في الافتتان به, ولقد طلبته وحاولت إغراءه; ليستجيب لي فامتنع وأبى, ولئن لم يفعل ما آمره به مستقبلا لَيعاقَبَنَّ بدخول السجن, ولَيكونن من الأذلاء.



قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ (33)

قال يوسف مستعيذًا مِن شرهن ومكرهن: يا ربِّ السجنُ أحب إليَّ مما يدعونني إليه من عمل الفاحشة, وإن لم تدفع عني مكرهن أَمِلْ إليهن, وأكن من السفهاء الذين يرتكبون الإثم لجهلهم.



فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)

فاستجاب الله ليوسف دعاءه فصرف عنه ما أرادت منه امرأة العزيز وصواحباتها من معصية الله. إن الله هو السميع لدعاء يوسف, ودعاء كل داع مِن خلقه, العليم بمطلبه وحاجته وما يصلحه, وبحاجة جميع خلقه وما يصلحهم.



ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)

ثم ظهر للعزيز وأصحابه -من بعد ما رأوا الأدلة على براءة يوسف وعفته- أن يسجنوه إلى زمن يطول أو يقصر; منعًا للفضيحة.



وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (36)

ودخل السجن مع يوسف فَتَيان, قال أحدهما: إني رأيت في المنام أني أعصر عنبًا ليصير خمرًا, وقال الآخر: إني رأيت أني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه, أخبرنا -يا يوسف -بتفسير ما رأينا, إنا نراك من الذين يحسنون في عبادتهم لله, ومعاملتهم لخلقه.



قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)

قال لهما يوسف: لا يأتيكما طعام ترزقانه في حال من الأحوال إلا أخبرتكما بتفسيره قبل أن يأتيكما, ذلكما التعبير الذي سأعبِّره لكما مما علَّمني ربي; إني آمنت به, وأخلصت له العبادة, وابتعدت عن دين قوم لا يؤمنون بالله, وهم بالبعث والحساب جاحدون.



وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (38)

واتبعت دين آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب فعبدت الله وحده, ما كان لنا أن نجعل لله شريكًا في عبادته, ذلك التوحيد بإفراد الله بالعبادة, مما تفضل الله به علينا وعلى الناس, ولكن أكثر الناس لا يشكرون الله على نعمة التوحيد والإيمان.



يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)

وقال يوسف للفَتَيين اللذين معه في السجن: أعبادةُ آلهةٍ مخلوقة شتى خير أم عبادة الله الواحد القهار؟



مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40)

ما تعبدون من دون الله إلا أسماءً لا معاني وراءها, جعلتموها أنتم وآباؤكم أربابًا جهلا منكم وضلالا، ما أنزل الله من حجة أو برهان على صحتها, ما الحكم الحق إلا لله تعالى وحده, لا شريك له, أمر ألا تنقادوا ولا تخضعوا لغيره, وأن تعبدوه وحده, وهذا هو الدين القيم الذي لا عوج فيه, ولكن أكثر الناس يجهلون ذلك, فلا يعلمون حقيقته.



يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)

يا صاحبيَّ في السجن, إليكما تفسيرَ رؤياكما: أما الذي رأى أنه يعصر العنب في رؤياه فإنه يخرج من السجن ويكون ساقي الخمر للملك, وأما الآخر الذي رأى أنه يحمل على رأسه خبزًا فإنه يُصْلب ويُتْرك, وتأكل الطير من رأسه, قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان وفُرغ منه.



وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)

وقال يوسف للذي علم أنه ناجٍ من صاحبيه: اذكرني عند سيِّدك الملك وأخبره بأني مظلوم محبوس بلا ذنب, فأنسى الشيطان ذلك الرجل أن يذكر للملك حال يوسف, فمكث يوسف بعد ذلك في السجن عدة سنوات.



وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)

وقال الملك: إني رأيت في منامي سبع بقرات سمان, يأكلهن سبع بقرات نحيلات من الـهُزال, ورأيت سبع سنبلات خضر, وسبع سنبلات يابسات, يا أيها السادة والكبراء أخبروني عن هذه الرؤيا, إن كنتم للرؤيا تُفَسِّرون.



قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ (44)

قالوا: رؤياك هذه أخلاط أحلام لا تأويل لها, وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين.



وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)



وقال الذي نجا من القتل من صاحبَي يوسف في السجن وتذكر بعد مدة ما نسي من أمر يوسف: أنا أخبركم بتأويل هذه الرؤيا, فابعثوني إلى يوسف لآتيكم بتفسيرها.

يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)

وعندما وصل الرجل إلى يوسف قال له: يوسف أيها الصديق فسِّر لنا رؤيا مَن رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات هزيلات, ورأى سبع سنبلات خضر وأخر يابسات; لعلي أرجع إلى الملك وأصحابه فأخبرهم; ليعلموا تأويل ما سألتك عنه, وليعلموا مكانتك وفضلك.



قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (47)

قال يوسف لسائله عن رؤيا الملك: تفسير هذه الرؤيا أنكم تزرعون سبع سنين متتابعة جادِّين ليَكْثُر العطاء, فما حصدتم منه في كل مرة فادَّخِروه, واتركوه في سنبله; ليتمَّ حفظه من التسوُّس, وليكون أبقى, إلا قليلا مما تأكلونه من الحبوب.



ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ (48)

ثم يأتي بعد هذه السنين الخِصْبة سبع سنين شديدة الجَدْب, يأكل أهلها كل ما ادَّخرتم لهن من قبل, إلا قليلا مما تحفظونه وتدَّخرونه ليكون بذورًا للزراعة.



ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)

ثم يأتي من بعد هذه السنين المجدبة عام يغاث فيه الناس بالمطر, فيرفع الله تعالى عنهم الشدة, ويعصرون فيه الثمار من كثرة الخِصْب والنماء.



وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)

وقال الملك لأعوانه: أخرجوا الرجل المعبِّر للرؤيا من السجن وأحضروه لي, فلما جاءه رسول الملك يدعوه قال يوسف للرسول: ارجع إلى سيدك الملك, واطلب منه أن يسأل النسوة اللاتي جرحن أيديهن عن حقيقة أمرهن وشأنهن معي; لتظهر الحقيقة للجميع, وتتضح براءتي, إن ربي عليم بصنيعهن وأفعالهن لا يخفى عليه شيء من ذلك.



قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (51)

قال الملك للنسوة اللاتي جرحن أيديهن: ما شأنكن حين راودتنَّ يوسف عن نفسه يوم الضيافة؟ فهل رأيتن منه ما يريب؟ قلن: معاذ الله ما علمنا عليه أدنى شيء يَشينه, عند ذلك قالت امراة العزيز: الآن ظهر الحق بعد خفائه, فأنا التي حاولت فتنته بإغرائه فامتنع, وإنه لمن الصادقين في كل ما قاله.



ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)

ذلك القول الذي قلته في تنزيهه والإقرار على نفسي ليعلم زوجي أني لم أخنه بالكذب عليه, ولم تقع مني الفاحشة, وأنني راودته, واعترفت بذلك لإظهار براءتي وبراءته, وأن الله لا يوفق أهل الخيانة, ولا يرشدهم في خيانتهم.
















الجزء الثالث عشر :



وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)

قالت امرأة العزيز: وما أزكي نفسي ولا أبرئها, إن النفس لكثيرة الأمر لصاحبها بعمل المعاصي طلبا لملذاتها, إلا مَن عصمه الله. إن الله غفور لذنوب مَن تاب مِن عباده, رحيم بهم.



وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)

وقال الملك الحاكم لـ "مصر" حين بلغته براءة يوسف: جيئوني به أجعله من خلصائي وأهل مشورتي, فلما جاء يوسف وكلَّمه الملك, وعرف براءته, وعظيم أمانته, وحسن خلقه, قال له: إنك اليوم عندنا عظيم المكانة, ومؤتمن على كل شيء.



قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)

وأراد يوسف أن ينفع العباد, ويقيم العدل بينهم, فقال للملك: اجعلني واليًا على خزائن "مصر", فإني خازن أمين, ذو علم وبصيرة بما أتولاه.



وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56)

وكما أنعم الله على يوسف بالخلاص من السجن مكَّن له في أرض "مصر" ينزل منها أي منزل شاءه. يصيب الله برحمته من يشاء من عباده المتقين, ولا يضيع أجر مَن أحسن شيئًا مِن العمل الصالح.



وَلأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)

ولَثواب الآخرة عند الله أعظم من ثواب الدنيا لأهل الإيمان والتقوى الذين يخافون عقاب الله, ويطيعونه في أمره ونهيه.



وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (58)

وقدِمَ إخوة يوسف إلى "مصر" -بعد أن حلَّ بهم الجدب في أرضهم-; ليجلبوا منها الطعام, فدخلوا عليه فعرفهم, ولم يعرفوه لطول المدة وتغيُّر هيئته.



وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (59)

وقد أمر يوسف بإكرامهم وحسن ضيافتهم, ثم أعطاهم من الطعام ما طلبوا, وكانوا قد أخبروه أن لهم أخًا من أبيهم لم يُحضروه معهم -يريدون شقيقه- فقال: ائتوني بأخيكم من أبيكم, ألم تروا أني أوفيتُ لكم الكيل وأكرمتكم في الضيافة, وأنا خير المضيفين لكم؟



فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلا تَقْرَبُونِ (60)

فإن لم تأتوني به فليس لكم عندي طعام أكيله لكم, ولا تأتوا إليَّ.



قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61)

قالوا: سنبذل جهدنا لإقناع أبيه أن يرسله معنا, ولن نقصِّر في ذلك.



وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62)

وقال يوسف لغلمانه: اجعلوا ثمن ما أخذوه في أمتعتهم سرًا; رجاء أن يعرفوه إذا رجعوا إلى أهلهم, ويقدِّروا إكرامنا لهم؛ ليرجعوا طمعًا في عطائنا.



فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)

فلما رجعوا إلى أبيهم قصُّوا عليه ما كان من إكرام العزيز لهم, وقالوا: إنه لن يعطينا مستقبَلا إلا إذا كان معنا أخونا الذي أخبرناه به, فأرسلْه معنا نحضر الطعام وافيًا, ونتعهد لك بحفظه.



قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)

قال لهم أبوهم: كيف آمنكم على "بنيامين" وقد أمنتكم على أخيه يوسف من قبل, والتزمتم بحفظه فلم تفوا بذلك؟ فلا أثق بالتزامكم وحفظكم, ولكني أثق بحفظ الله, خير الحافظين وأرحم الراحمين, أرجو أن يرحمني فيحفظه ويرده عليَّ.



وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)

ولما فتحوا أوعيتهم وجدوا ثمن بضاعتهم الذي دفعوه قد رُدَّ إليهم قالوا: يا أبانا ماذا نطلب أكثر من هذا؟ هذا ثمن بضاعتنا ردَّه العزيز إلينا, فكن مطمئنًا على أخينا, وأرسله معنا; لنجلب طعامًا وفيرًا لأهلنا, ونحفظ أخانا, ونزداد حِمْلَ بعير له; فإن العزيز يكيل لكل واحد حِمْلَ بعير, وذلك كيل يسير عليه.



قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِي مَوْثِقاً مِنْ اللَّهِ لَتَأْتُونَنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)

قال لهم يعقوب: لن أتركه يذهب معكم حتى تتعهدوا وتحلفوا لي بالله أن تردوه إليَّ, إلا أن تُغْلبوا عليه فلا تستطيعوا تخليصه, فلما أعطَوْه عهد الله على ما طلب, قال يعقوب: الله على ما نقول وكيل, أي تكفينا شهادته علينا وحفظه لنا.



وَقَالَ يَا بَنِي لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ (67)

وقال لهم أبوهم: يا أبنائي إذا دخلتم أرض "مصر" فلا تدخلوا مِن باب واحد, ولكن ادخلوها من أبواب متفرقة, حتى لا تصيبكم العين, وإني إذ أوصيكم بهذا لا أدفع عنكم شيئًا قضاه الله عليكم, فما الحكم إلا لله وحده, عليه اعتمدت ووثقت, وعليه وحده يعتمد المؤمنون.



وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (68)

ولما دخلوا من أبواب متفرقة كما أمرهم أبوهم, ما كان ذلك ليدفع قضاء الله عنهم, ولكن كان شفقة في نفس يعقوب عليهم أن تصيبهم العين, وإن يعقوب لصاحب علمٍ عظيم بأمر دينه علَّمه الله له وحْيًا, ولكن أكثر الناس لا يعلمون عواقب الأمور ودقائق الأشياء, وما يعلمه يعقوب -عليه السلام- مِن أمر دينه.



وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)

ولما دخل إخوة يوسف عليه في منزل ضيافته ومعهم شقيقه, ضم يوسف إليه شقيقه, وقال له سرًا: إني أنا أخوك فلا تحزن, ولا تغتمَّ بما صنعوه بي فيما مضى. وأمره بكتمان ذلك عنهم.



فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)

فلما جهزَّهم يوسف, وحمَّل إبلهم بالطعام, أمر عماله, فوضعوا الإناء الذي كان يكيل للناس به في متاع أخيه "بنيامين" من حيث لا يشعر أحد, ولما ركبوا ليسيروا نادى منادٍ قائلا يا أصحاب هذه العير المحمَّلة بالطعام, إنكم لسارقون.



قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71)

قال أولاد يعقوب مقبلين على المنادي: ما الذي تفقدونه؟



قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)

قال المنادي ومَن بحضرته: نفقد المكيال الذي يكيل الملك به, ومكافأة من يحضره مقدار حِمْل بعير من الطعام, وقال المنادي: وأنا بحِمْل البعير من الطعام ضامن وكفيل.



قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73)

قال إخوة يوسف: والله لقد تحققتم مما شاهدتموه منا أننا ما جئنا أرض "مصر" من أجل الإفساد فيها, وليس من صفاتنا أن نكون سارقين.



قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنتُمْ كَاذِبِينَ (74)

قال المكلَّفون بالبحث عن المكيال لإخوة يوسف: فما عقوبة السارق عندكم إن كنتم كاذبين في قولكم: لسنا بسارقين؟



قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)

قال إخوة يوسف: جزاء السارق مَن وُجِد المسروق في رحله فهو جزاؤه. أي يسلَّم بسرقته إلى مَن سرق منه حتى يكون عبدًا عنده, مثل هذا الجزاء -وهو الاسترقاق- نجزي الظالمين بالسرقة, وهذا ديننا وسنتنا في أهل السرقة.



فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)

ورجعوا بإخوة يوسف إليه, فقام بنفسه يفتش أمتعتهم, فبدأ بأمتعتهم قبل متاع شقيقه; إحكامًا لما دبَّره لاستبقاء أخيه معه, ثم انتهى بوعاء أخيه, فاستخرج الإناء منه, كذلك يسَّرنا ليوسف هذا التدبير الذي توصَّل به لأخذ أخيه, وما كان له أن يأخذ أخاه في حكم مَلِك "مصر"; لأنه ليس من دينه أن يتملك السارق, إلا أن مشيئة الله اقتضت هذا التدبير والاحتكام إلى شريعة إخوة يوسف القاضية برِقِّ السارق. نرفع منازل مَن نشاء في الدنيا على غيره كما رفعنا منزلة يوسف. وفوق كل ذي علمٍ من هو أعلم منه, حتى ينتهي العلم إلى الله تعالى عالم الغيب والشهادة.



قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)

قال إخوة يوسف: إنْ سرق هذا فقد سرق أخ شقيق له من قبل (يقصدون يوسف عليه السلام) فأخفى يوسف في نفسه ما سمعه, وحدَّث نفسه قائلا أنتم أسوأ منزلة ممن ذكرتم, حيث دبَّرتم لي ما كان منكم, والله أعلم بما تصفون من الكذب والافتراء.



قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (78)

قالوا مستعطفين ليوفوا بعهد أبيهم: يا أيها العزيز إن له والدًا كبيرًا في السن يحبه ولا يطيق بُعده, فخُذْ أحدنا بدلا من "بنيامين", إنا نراك من المحسنين في معاملتك لنا ولغيرنا.



قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظَالِمُونَ (79)

قال يوسف: نعتصم بالله ونستجير به أن نأخذ أحدًا غير الذي وجدنا المكيال عنده -كما حكمتم أنتم-, فإننا إن فعلنا ما تطلبون نكون في عداد الظالمين.



فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنْ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80)

فلما يئسوا من إجابته إياهم لِمَا طلبوه انفردوا عن الناس, وأخذوا يتشاورون فيما بينهم, قال كبيرهم في السن: ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم العهد المؤكد لتردُّنَّ أخاكم إلا أن تُغلبوا, ومن قبل هذا كان تقصيركم في يوسف وغدركم به; لذلك لن أفارق أرض "مصر" حتى يأذن لي أبي في مفارقتها, أو يقضي لي ربي بالخروج منها, وأتمكن مِن أَخْذِ أخي, والله خيرُ مَن حَكَمَ, وأعدل مَن فَصَلَ بين الناس.



ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (81)

ارجعوا أنتم إلى أبيكم, وأخبروه بما جرى, وقولوا له: إن ابنك "بنيامين" قد سرق, وما شهدنا بذلك إلا بعد أن تَيَقَّنَّا, فقد رأينا المكيال في رحله, وما كان عندنا علم الغيب أنه سيسرق حين عاهدناك على ردِّه.



وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82)

واسأل -يا أبانا- أهل "مصر", ومَن كان معنا في القافلة التي كنا فيها, وإننا صادقون فيما أخبرناك به.



قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)

ولما رجعوا وأخبروا أباهم قال لهم: بل زَيَّنَت لكم أنفسكم الأمَّارة بالسوء مكيدة دبَّرتموها كما فعلتم مِن قبل مع يوسف, فصبري صبر جميل لا جزع فيه ولا شكوى معه, عسى الله أن يردَّ إليَّ أبنائي الثلاثة -وهم يوسف وشقيقه وأخوهم الكبير المتخلف من أجل أخيه- إنه هو العليم بحالي, الحكيم في تدبيره.



وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)

وأعرض يعقوب عنهم, وقد ضاق صدره بما قالوه، وقال: يا حسرتا على يوسف وابيضَّتْ عيناه, بذهاب سوادهما مِن شدة الحزن فهو ممتلئ القلب حزنًا, ولكنه شديد الكتمان له.



قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنْ الْهَالِكِينَ (85)

قال بنوه: تالله ما تزال تتذكر يوسف, ويشتدُّ حزنك عليه حتى تُشْرِف على الهلاك أو تهلك فعلا فخفف عن نفسك.



قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (86)

قال يعقوب مجيبًا لهم: لا أظهر همِّي وحزني إلا لله وحده, فهو كاشف الضرِّ والبلاء, وأعلم من رحمة الله وفرجه ما لا تعلمونه.



يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ (87)

قال يعقوب: يا أبنائي عودوا إلى "مصر" فاستقصوا أخبار يوسف وأخيه, ولا تقطعوا رجاءكم من رحمة الله, إنه لا يقطع الرجاء من رحمة الله إلا الجاحدون لقدرته, الكافرون به.



فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88)

فذهبوا إلى "مصر", فلما دخلوا على يوسف قالوا: يا أيها العزيز أصابنا وأهلنا القحط والجدب, وجئناك بثمن رديء قليل, فأعطنا به ما كنت تعطينا من قبل بالثمن الجيد, وتصدَّقْ علينا بقبض هذه الدراهم المزجاة وتجوَّز فيها, إن الله تعالى يثيب المتفضِّلين على أهل الحاجة بأموالهم.



قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89)

فلما سمع مقالتهم رقَّ لهم, وعرَّفهم بنفسه وقال: هل تذكرون الذي فعلتموه بيوسف وأخيه من الأذى في حال جَهْلكم بعاقبة ما تفعلون؟



قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)

قالوا: أإنَّك لأنت يوسف؟ قال: نعم أنا يوسف, وهذا شقيقي, قد تفضَّل الله علينا, فجمع بيننا بعد الفرقة, إنه من يتق الله, ويصبر على المحن, فإن الله لا يذهب ثواب إحسانه, وإنما يجزيه أحسن الجزاء.



قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91)

قالوا: تالله لقد فَضَّلك الله علينا وأعزَّك بالعلم والحلم والفضل, وإن كنا لخاطئين بما فعلناه عمدًا بك وبأخيك.



قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)

قال لهم يوسف: لا تأنيب عليكم اليوم, يغفر الله لكم, وهو أرحم الراحمين لمن تاب من ذنبه وأناب إلى طاعته.



اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)

ولما سألهم عن أبيه أخبروه بذهاب بصره من البكاء عليه, فقال لهم: عودوا إلى أبيكم ومعكم قميصي هذا فاطرحوه على وجه أبي يَعُدْ إليه بصره, ثم أحضروا إليَّ جميع أهلكم.



وَلَمَّا فَصَلَتْ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94)

ولما خرجت القافلة من أرض "مصر", ومعهم القميص قال يعقوب لمن حضره: إني لأجد ريح يوسف لولا أن تسفهوني وتسخروا مني, وتزعموا أن هذا الكلام صدر مني من غير شعور.



قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (95)

قال الحاضرون عنده: تالله إنك لا تزال في خطئك القديم مِن حب يوسف, وأنك لا تنساه.



[font:8f43=Tra
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دموع الورد
مدير عام المنتدى
دموع الورد


عدد المساهمات : 689
تاريخ التسجيل : 31/05/2010

تفسير سورة يوسف Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة يوسف   تفسير سورة يوسف I_icon_minitimeالجمعة 23 يوليو - 15:41

رب .....
اذا اعطيتني مالا ..فلا تأخذ سعادتي
و اذا اعطيتني قوة.. فلا تأخذ
عقلي
و اذا اعطيتني جاها... فلا تاخذ تواضعي
و اذا اعطيتني تواضعا ..فلا
تأخذ عزتي
و اذا اعطيتني قدرة..فلا تأخذ عفوي...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة يوسف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة هود
» تفسير سورة الكهف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۩۞۩نقــــــــــــاء القــــــــلوب ۩۞۩ قـــــــــــلوب تسعى الى الجنـــــــــــه :: الفئه الاولى :: القران الكريم-
انتقل الى: